كيف أسهمت حركة الإصلاح الديني والنهضة العلمية في نشأة الفلسفة الحديثة؟

عزيزي السائل، نشأت الفلسفة الحديثة متأثرة بمظاهر عصر النهضة، لا سيّما الفلسفة الإنسانية التي تنظر إلى الإنسان باعتباره مركز الكون، وقد أُخذت هذه الفكرة من علماء الفلك مثل جاليليو الذي انتقد الفكرة القائلة بدوران الأرض حول الشمس.

ويمكن اعتبار الأساس الإنساني جوهر الفكر الفلسفي في عصر النهضة الأوروبية والذي امتد تأثيره حتى العصر الحالي، وقد ظهرت الفلسفات الوجودية والمذهب الرومنسي وغير ذلك.

وقد بدأ عصر النهضة بالثورة على الكنيسة وإعادة قراءة الكتب الدينية لا سيّما الكتاب المقدس، وصار من الممكن تأويله للاعتماد على القراءات التقليدية الأولى للرهبان وعلماء اللاهوت، فذلك الأمر سمح بظهور طوائف دينية مختلفة مثل البروتستانتية، وكان لمارتن لوثر دورًا كبيرًا في هذا، لذلك منع تداول كتاباته في البدايات.

وقد قلت السلطة الدينية لرجال الدين الذين كانوا يتحكمون بالحياة العامة والحياة السياسية وينظرون إلى كثير من العلماء والآراء والمنجزات العلمية باعتبارها إشاعات، الأمر الذي جعلهم يحرقون الكثير من الكتاب ويعدمون العلماء في الساحات العامة.

انعكست هذه الثورة على الكنيسة على مختلف مظاهر الحياة العامة، وقد زاد احترام العلم ومظاهره، ولم تكن إعادة القراءة مقصورةً على الكتاب المقدس وصكوك الغفران إنّما أُعيد النظر في النتاج الثقافي والأدبي اليوناني واللاتيني والشرقي، وبدأ الفصل بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية والتمييز بينها، ومن الجدير بالذكر أنّ الإصلاح الديني والثورة العلمية تزامن مع انتشار الطباعة الأمر الذي ساعد كثيرًا على نشر الأفكار الجديدة وتداولها.

من جانب آخر حصلت ثورة فلاحية ثمّ صناعية، فلم يعد نظام الإقطاع هو النظام المسيطر على نمط الحياة الاقتصادي والاجتماعي، فقد برزت الرأسمالية كنظام اقتصادي جديد وظهرت الطبقة البرجوازية نتيجة لذلك، ومن ناحية سياسية بدأت الدول تتشكل وفق المفاهيم الحديثة للدولة، وقد انتشرت مظاهر النهضة العلمية والإصلاح الديني بدءًا من فلورنسا وإيطاليا وصولًا إلى مختلف أنحاء أوروبا.