كيف تم تحديد الآيات في كل سورة من سور القرآن الكريم؟

حياكم الله، ونفع بكم، وأعاننا وإياكم على فهم القرآن الكريم، وتدبّره، وحفظه، وتطبيقه، من المعلوم أن القرآن الكريم لم ينزل دفعة واحدة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل كان نزوله طوال مدة دعوة النبي، أي إن نزوله استمرّ ثلاثة وعشرين عاماً، يقول -سبحانه-: (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا). "الإسراء: 106"

أما عن ترتيب الآيات ضمن السور المحددة؛ فهو أمرٌ توقيفي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أوحاه الله -سبحانه وتعالى- له، وكان النبي قد اتّخذ من البداية كُتّابا للوحي، فإذا نزل عليه جبريل -عليه السلام- بالآيات حفظها النبي وقرأها كما نزلت عليه، ثم كان يأمر بكُتّاب الوحي فيُملي عليهم الآيات القرآنية الكريمة، ويرشدهم إلى مكان كتابتها في أي سورة وبعد أي آية.

وقد نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- سوراً كاملة دفعة واحدة كما نزل عليه الآيات المفرقة، حيث ثبت في صحيح مسلم أنه ذات يوم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- غافياً بين الصحابة، ثم استيقظ مبتسماً، فسأله أصحابه عن ذلك وقالوا: (ما أضْحَكَكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ، فَقَرَأَ: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ* إنَّ شَانِئَكَ هو الأَبْتَرُ)). "الكوثر: 1-3"

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض القرآن الكريم على جبريل -عليه السلام- في كل عام مرة في شهر رمضان، إلا أنه في السنة التي تُوفّي فيها النبي الكريم عَرَضه مرّتين، وقد شهد الصحابي زيد بن ثابت -رضي الله عنه- العرضة الأخيرة، وأوصى النبي صحابته بالأخذ منه، ولذلك كان زيد -رضي الله عنه- الأساس عند تدوين القرآن الكريم ونسخه.