وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، باركَ الله فيكَ أخي الكريم على هذا السؤال، وبارك الله فيكَ على اهتمامك بدقائق الأمور، يبدو لي أنّك من المهتمين بالدراسات التاريخية والعقدية، وبالفعل هذا السؤال يُطرح بسبب أنّ الجزيرة العربية سكنها أصحاب ديانات عديدة قبل مجيء الإسلام.
واعلم أخي الكريم أنَّ الديانةَ التي كانت منتشرة في شبه الجزيرةِ العربيّة، قبل مجيء الإسلام وانتشاره، هي عبادة الأوثانِ، ولم يكن كلّ العربِ مشركين، بل كان منهم أهل كتابٍ، بدليلِ أنَّ ورقة بن نوفل آنذاك كان يتّبع الدينَ النصراني، وقد جاء ذلك صريحًا في الحديثِ الصحيحِ الذي أخخرجه البخاري، عن السيدةِ عائشة -رضيَ الله عنها- حيث قالت: (فَانْطَلَقَتْ به إلى ورَقَةَ بنِ نَوْفَلٍ، وكانَ رَجُلًا تَنَصَّرَ، يَقْرَأُ الإنْجِيلَ بالعَرَبِيَّةِ).
وكذلك كان هناك من يتّبع الدين اليهودي، مثل بني قريظة، وبني قينقاع، وبني النضير، الذين كانوا يسكنون في المدينة المنورة، وما يدلُّ على وجود اليهودِ آنذاك، الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم، عن عبدالله بن عمر -رضيَ الله عنهما- حيث قال: (وَأَجْلَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَهُودَ المَدِينَةِ كُلَّهُمْ، بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كانَ بالمَدِينَةِ).
أمَّا بخصوص ديانةِ الأوس والخزرج، فغالبهم كانوا من المشركين، بدليل أنَّهم كانوا يحجُّون إلى مكةَ المكرمةَ، ومعلومٌ أنَّ الكعبةَ آنذاكَ كان فيها الأوثانَ والأصنامَ، لكنْ لا يُستبعدَ أن يكون منهم أفرادًا على الحنيفيَّة السمحةِ آنذاك، أو أن يكون منهم من يتّبعَ الديانةَ اليهوديّةِ، لا سيّما أنَّ اليهود كانوا يقطنون أساسًا في المدينةِ المنورةِ، والتي كان اسمها قبل هجرةِ النبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- يثرب.
هذا والله أعلم.