ما هي الدولة العباسية السرية؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، لقد بدأت الدولة العباسية بطريقة سرية، كمعظم الدعوات التي كان يخرج فيها أصحابها على أي دولة قائمة؛ طلباً لجمع الأتباع وحشد المناصرين، وخوفاً من البطش الذي قد ينزل بهم في حال انكشاف أمرهم.

وانطلقت دعوة بني العباس في سرية تامة؛ وذلك بتخطيطٍ من الفرقة الكيسانية التي كانت ترى أن الإمامة والولاية من حق محمد ابن الحنفية ابن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وأن الأمر من بعده يؤول إلى ابنه عبد الله، المكنّى بأبي هاشم، وأتباعه من الفرقة الهاشمية في خراسان.

فتوجه أبو هاشم قبل وفاته بإسناد مهمة الدعوة للبيت الهاشمي، والخروج على الدولة الأموية لابن عمه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، الذي كان مقيماً في الحميمة في الأردن.

وابتدأت هذه المرحلة في العام 100 هـ، واستمرت حتى العام 129 هـ، وقد حمل محمد بن علي عبء هذه المهمة، وضمن سرّيتها طوال دعوته لها؛ فعمل على بث الرسل وتكثير الأتباع، انطلاقا من مركزه في الحميمة وصولاً إلى مناطق النفوذ في الكوفة وخراسان.

وبعد وفاة محمد بن علي عام 125هـ، وتولى ابنه ابراهيم أمر الدعوة وحافظ على سريتها حتى سنة 129 هـ، وحين رأى قوة ومنعة دعوته في خراسان؛ أوعز إلى أبي مسلم الخرساني القائد العسكري والداهية السياسي لآل العباس على خراسان، الذي تمكن من القضاء على نصر بن سيار والي الأمويين على خراسان سنة 130 هـ.

وتمكن الأمويون من القبض على إبراهيم بن محمد وسجنه؛ فتولى الدعوة من بعده أخوه الخليفة الأول أبو العباس عبد الله السفاح الذي انتقل إلى الكوفة، ونزل بها سراً عند أبي سلمة الخلال، والذي قام السفاح لاحقاً بقتله.

واستمر بعدها العمل في الكوفة حتى سقطت الكوفة من يد عمر بن هبيرة والي الأمويين على العراق، وقد قام السفاح بقتله بعد أن أُعطِيَ الأمان سنة 132 هـ، وأعلن السفاح الخلافة لنفسه، وبويع بها في جامع الكوفة، ثم انتقل بجيشه وأتباعه لملاقاة مروان بن محمد في المعركة الحاسمة التي انتهت بها خلافة الأمويين.

وانتقل الحكم بعد ذلك لبني العباس، وذلك عند نهر الزاب بجانب الموصل، وانتصر السفاح على جيش مروان بن محمد، وتفرق الأمويون وأتباعهم في كل مكان، ولجأ مروان بن محمد إلى مصر، إلّا أن العباسيين تمكنوا من القبض عليه وقتله سنة 132 هـ، والأمر كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، "سورة آل عمران:140".