متى ظهر المنهج المقارن في الشريعة الإسلامية؟

حياك الله أخي السائل الكريم ووفقك لما يحبه ويرضاه، إنّ المنهج المقارن وهو المنهج الذي يعتمد على المقارنة، حيث يبين فيه أوجه الشبه والاختلاف في ظاهرتين أو أكثر، باعتماد الباحث على مجموعة من الخطوات للوصول إلى الحقيقة العلمية.

ولقد استعمل المسلمون المنهج المقارن مبكراً وفي كثير من المجالات: الفقه والكلام والفلسفة وغيرها، وكانوا يسمّونه قديماً "علم الخلاف" أو "الخلافيات"، فقد جاءهم هذا المنهج بناء على استجابة للتطور الفكري الذي حصل على أرض الواقع، وثمرة لنضج الفكر الإسلامي، حيث نشطت الكتابة والتأليف والتأسيس لعلم الفقه والتفسير والحديث والكلام وغيرها.

وبعد وفاة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- تعدّدت آراء الصحابة في الإفتاء والرأي، وتعدّدت الروايات والأحاديث المنقولة عنهم، كما أنّهم اختلفوا في تفسيرهم لآيات القرآن الكريم، وتطبيقاتهم لبعض أحكامه، فنقل التابعين هذه التعددات في الآراء وحفظوها عنهم.

ومع تأسيس المذاهب والمدارس الفقهية كانت هناك مناظرات ومنافسات بين المقلّدين لهذه المذاهب من طلبة وعلماء، وكان لا بد من الدفاع عن الاختيارات المذهبية واجتهادات الأئمة، ومواجهة المخالفين وبيان ضعف أدلتهم، فظهر ما أطلق عليه المسلمون "علم الخلاف" أو "علم الخلافيات" الذي يسمى في عصرنا الحالي "الفقه المقارن".

وقد قيل في الأصول التاريخية للمقارنة أنّها تمتد إلى العصور القديمة، لكنها كانت على غير الطابع الحالي لها، فقد طبق كثير من العلماء والمفكرين المقارنة ومنهم:

1. أرسطو

طبّق المقارنة في مجتمعات معاصرة تطبيق محلياً، وعبر الأقاليم ليشمل القارات فتبين له من خلال المقارنة أن هناك ظواهر متشابهة في مجتمعات معينة وظواهر متشابهة خاصة بمجتمعات أخرى.

1. ابن خلدون

طبّق المقارنة بين ألوان البشر في المناطق الحارة، وبيّن ألوان أقرانهم في المناطق المعتدلة أو الباردة.

1. ابن رشد

طبّق المقارنة بين كفاءات الرجال والنساء في خدمة المجتمع.

وقد استُخدِم المنهج المقارن في كثير من البحوث والدراسات العلمية والاجتماعية والسياسية منذ زمن طويل.