هل انتصر المسلمون في غزوة مؤتة؟

حياك الله السّائل الكريم، بعد استشهاد القادة الثلاثة الذين عيّنهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، حمل الراية عبدالله بن أقرم -رضي الله عنه-، ودفع بها إلى خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، وكان حديث عهد بالإسلام، فأخذها وقام بعملِ خطّةٍ عسكريةٍ مُحكمة، استطاع من خلالها أن ينقذ جيش المسلمين من خسارة متوقعة.

ولا شك بأنّ نتيجة هذه الغزوة هي انتصار المسلمين، حيث قام خالد بن الوليد بتغيير مواقع الجنود بجعلِ الميمنة مكان الميسرة، والميسرة مكان الميمنة، والمقدمة مكان المؤخرة، والمؤخرة مكان المقدمة؛ وذلك ليُوهم الرّوم بأنّ مدداً قد وصل للمسلمين ليساندهم، واستمراراً لهذه الخطّة أمر خالد بن الوليد -رضي الله عنه- خمسين فارساً أن يلتفوا من خلف الجبل ثم يعودوا إلى جيش المسلمين مكبرين مُثيرين للغبار من خلفهم.

وأمرهم أن يفعلوا ذلك مراراً، وفي اليوم التالي أمر خالد ٌ الجيشَ بالإنسحابِ، ولم يتبعهم الرّوم لأنّهم أن المسلمين يخدعونهم، وبالفعل نجح المسلمون بهذا الانحياز، فلم يجرؤ الرّوم على ملاحقةِ جيس المسلمين، فوصل جيش المسلمين إلى المدينةِ بسلام، وأودّ أن أذكر عدة أمور تؤكّد على ذلك، منها ما يأتي:

1. إشادة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجيش العائد من المعركة، ووصفهم أنهم الكُرار وليسوا فُرارا كما ظنّ أهل المدينة.
2. نجاة جيش المسلمين من هلاك محقق؛ وذلك للفارق الهائل بين عدد المسلمين البالغ ثلاثة آلاف وعدد جيش الروم البالغ مائتي ألف.
3. بناء على النقطة السابقة؛ فإنّ خروج المسلمين من بينهم سالمين يُعتبر انتصاراً وبطولة، وأُعجوبة من الأعاجيب.
4. عدد الشهداء في جيش المسلمين لم يتجاوز الخمسة عشر شهيداً، رغم القتال العنيف الذي حصل بين الجيشين واستمراره لأيام.
5. وضعت هذه الغزوة المباركة الدولة الإسلامية على خارطة القوى العالمية المنافسة على حكم المنطقة وبسط نفوذها؛ فقد واجهوا أكبر قوة في العالم.